منتديات الرائد
اهلا وسهلا بكم في منتديات الرائد * تسجيلك يشرفنا.
منتديات الرائد
اهلا وسهلا بكم في منتديات الرائد * تسجيلك يشرفنا.
منتديات الرائد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشاعرة فدوى طوقان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فارس ابو زينه




عدد المساهمات : 76
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

الشاعرة فدوى طوقان Empty
مُساهمةموضوع: الشاعرة فدوى طوقان   الشاعرة فدوى طوقان I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 30, 2009 8:57 am

فدوى طوقان في سطور

بقلم خليل عودة

حياتها :

ولدت الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان في مدينة نابلس سنة 1917 لعائلة عريقة غنية ومحافظة جداً، وفيها تلقت تعليمها الابتدائي ولم تكمل مرحلة التعليم التي بدأتها في مدارس المدينة، فقد أخرجت من المدرسة لأسباب اجتماعية قاسية، جعلتها تتلقى أول ضربة في حياتها عندما ألقى القدر في طريقها بشاب صغير رماها بوردة فل تعبيراً عن إعجابه بها، وقد وصفت فدوى تلك الحادثة: "كان هناك من يراقب المتابعة، فوشى بالأمر لأخي يوسف، ودخل يوسف علي كزوبعة هائجة (قولي الصدق)... وقلت الصدق لأنجو من اللغة الوحيدة التي كان يخاطب بها الآخرين، العنف والضرب بقبضتين حديديتين، وكان يتمتع بقوة بدنية كبيرة لفرط ممارسته رياضة حمل الأثقال.

أصدر حكمَه القاضي بالإقامة الجبرية في البيت حتى يوم مماتي كما هدد بالقتل إذا ما تخطيت عتبة المنزل، وخرج من الدار لتأديب الغلام.

قبعت داخل الحدود الجغرافية التي حددها لي يوسف، ذاهلةً لا أكاد أصدق ما حدث. ما أشد الضرر الذي يصيب الطبيعة الأصلية للصغار والمراهقين بفعل خطأ التربية وسوء الفهم.

عانت فدوى طوقان قسوة الواقع الاجتماعي الذي قذف بها بعيداً بين جدران البيت السماوي في البلدة القديمة من مدينة نابلس، تنظر إلى نفسها بشيء من الخجل والاتهام، لقد فقدت أحب شيء إلى نفسها (المدرسة) التي أرادت أن تثبت نفسها من خلالها، وحرمت منها وهي في أمس الحاجة لها تصف فدوى طوقان موقف أبيها منها الذي لا يخاطبها مباشرة على عادة الرجال في زمانه- وإنما يخاطب أمها إذا أراد أن يبلغها شيئاً، ثم تقوم أمها بعد ذلك بتوصيل ما يريده أبوها منها، تقول:

"عاد أبي ذات صباح إلى البيت لبعض شأنه وكنت أساعد أمي في ترتيب أسرة النوم. وحين رآني سأل أمي: لماذا لا تذهب البنت إلى المدرسة؟

قالت: تكثر في هذه الأيام القصص حول البنات فمن الأفضل وقد بلغت هذه السن أن تبقى في البيت . "قال أبي:" حسناً" وخرج!

كان أحياناً إذا أراد أن يبلغني أمراً يستعمل صيغة الغائب ولو كنت حاضرة بين عينيه، كان يقول لأمي: قولي للبنت تفعل كذا وكذا... وقولي للبنت إنها تكثر من شرب القهوة، فلا أراها إلا وهي تحتسي القهوة ليلاً ونهاراً وهكذا.

كان أشد ما عانيته حرماني من الذهاب الى المدرسة وانقطاعي عن الدراسة.

كانت أختي أديبة تجلس في المساء لتحضير دروس اليوم التالي، تفتح حقيبة كتبها وتنشر دفاترها حولها، وتشرع في الدراسة وعمل التمارين المقررة.

وهماً كنت أهرب إلى فرا

شي لأخفي دموعي تحت الغطاء، وبدأ يتكشف لدي الشعور الساحق بالظلم.”

وفي وقت متأخر من ليل الجمعة الثالث عشر من ديسمبر لعام ألفين وثلاثة رحلت فدوى طوقان عن عمر يناهز الخامسة والثمانين من عمرها، بعد رحلة عطاء طويلة أصلت فيها لمرحلة جديدة من تاريخ الشعر الفلسطيني بشكل خاص والشعر العربي بشكل عام.

علاقة فدوى بأخيها إبراهيم:

بدأت علاقة الشاعرة بأخيها إبراهيم منذ وقت مبكر من حياتها، وكان بالنسبة لها الأمل الوحيد المتبقي في عالمها المثقل بعذابات المرأة وظلم المجتمع، ورأت فيه الضوء الذي يطل عليها من خلف أستار العتمة والوحشة والوحدة.

وشكلت عودة إبراهيم من بيروت إلى نابلس، في تموز 1929 ، بعد أن أكمل دراسته وحصل على شهادته من الجامعة الأمريكية ببيروت، عاملاً مساعداً لإعادة بعض الفرح، إن لم نقل الفرح كله، إلى حياة فدوى طوقان، ورأت في قربه منها عاملاً مساعداً في إعادة ثقتها بنفسها، وترسيخ خطواتها على درب التعليم الذاتي الذي ألزمت نفسها به بعد أن أجبرت على ترك المدرسة، تقول:

كانت عاطفة حبي له قد تكونت من تجمع عدة انفعالات طفولية سعيدة كان هو مسببها وباعثها.

أول هدية تلقيتها في صغري كانت منه

أول سفر من أسفار حياتي كان برفقته

كان هو الوحيد الذي ملأ فراغ النفس الذي عانيته بعد فقدان عمي، والطفولة التي كانت تبحث عن أب آخر يحتضنها بصورة أفضل وأجمل وجدت الأب الضائع مع الهدية الأولى والقبلة الأولى التي رافقتها.

إن تلك الهدية بالذات، التي كانت قد أحضرها إلي من القدس أيام كان تلميذاً في مدرسة المطران، تلك الهدية التي كانت أول أسباب تعلقي بإبراهيم ذلك التعلق الذي راح يتكشف فيما بعد بصورة قوية.

كان تعامله معي يعطيني انطباعاً بأنه معني بإسعادي وإشاعة الفرح في قلبي، لاسيما حين كان يصطحبني في مشاويره إلى الجانب الغربي من سفح جبل عيبال”.

وبعد إقامة إبراهيم في نابلس بدأ سطر جديد في حياة فدوى طوقان فنذرت نفسها لخدمته والاعتناء به، وتهيئة شؤونه، ورأت في ذلك غاية سعادتها ومنتهى طموحها، وقد بلغ من تعلقها بأخيها أنها كانت تخاف عليه المرض والأذى، فهو الهواء الذي تتنفسه رئتاي كما تقول وكان إبراهيم يبادلها حباً بحب، يأخذ بيدها، ويحاول تخفيف معاناتها، بخاصة عندما عرف بقصتها، وما حل بها من فقدان المدرسة والتزام البيت، تقول: "كان قد علم من أمي سبب قعودي في البيت، لكنه وهو الإنسان الواسع الأفق، الحنون، العالم بدخائل النفس البشرية، نظر إلى ذلك الأمر نظرة سبقت الزمن خمسين سنة إلى الأمام لم يتدخل، ولم يفرض إرادته على يوسف العنيف، لكنه راح يعاملني بالحب والحنو الغامر.

وظلت تتجمع الأمور الصغيرة لتصبح جسراً ينقلني من حال إلى حال".

ولم يترك القدر لفدوى هذا السراج الذي لاح مضيئاً في سمائها المظلم، فقد أقيل أخوها من عمله في القسم العربي في الإذاعة الفلسطينية وغادر مع عائلته إلى العراق بضعة أشهر مرض فيها هناك، ثم عاد إلى نابلس ومات فيها، تقول فدوى: "وتوفي شقيقي إبراهيم فكانت وفاته ضربة أهوى بها القدر على قلبي ففجر فيه ينبوع ألم لا ينطفئ ومن هذا الينبوع تتفجر أشعاري على اختلاف موضوعاتها:".

وانكسر شيء في أعماقي، وسكنتني حرقة اليتم.

فدوى طوقان والشعر:

كانت فدوى تتابع أخاها إبراهيم في كتابته للشعر، وتوجيهه للطلاب الذين كانوا يكتبونه، وقد سمعته مرة وهو يحدث أمه عن تلميذين من تلاميذه قد جاءا إليه بقصائد من نظمهما خالية من عيوب الوزن والقافية، فقالت "نيالهم".

وعندما سمعها إبراهيم، وهي تتكلم بحسرة، كأنها تلومه على عطائه مع تلاميذه وتقصيره معها، فنظر إليها وصمت، ثم قال فجأة: سأعلمك نظم الشعر، هيا معي. كانت أمي قد سكبت له الطعام، ولكنه ترك الغرفة، ولحقت به، وارتقينا معاً السلم المؤدي إلى الطابق الثاني حيث غرفته ومكتبته. وقف أمام رفوف الكتب وراح ينقل عينيه فيها باحثاً عن كتاب معين. أما أنا فكان قلبي يتواثب في صدري، وقد كتمت أنفاسي اللاهثة، دقيقتين، وأقبل علي وفي يده كتاب الحماسة لأبي تمام، نظر في الفهرس ثم فتح الكتاب عند صفحته بالذات، قال: هذه القصيدة سأقرؤها لك وأفسرها بيتاً بيتاً ثم تنقلينها إلى دفتر خاص وتحفظينها غيباً، لأسمعها منك هذا المساء عن ظهر قلب.

ولم يكن اختيار إبراهيم مجرد اختيار عشوائي فقد اختار لها شعراً لامرأة ترثي أخاها، ثم يقول: لقد تعمدت أن أختار لك هذا الشعر لتري كيف كانت نساء العرب تكتب الشعر الجميل، وبدأت رحلة فدوى طوقان مع الشعر تحفظ القصائد التي يختارها لها إبراهيم، وبدأت تتعلم من جديد في مدرستها التي فتح إبراهيم أبوابها، تقول:

ها أنا أعود إلى الدفاتر والأقلام والدراسة والحفظ، ها أنا أعود إلى جنتي المفقودة، وعلى غلاف دفتر المحفوظات تلألأت بعيني هذه الكلمات التي كتبتها بخطي الرديء، خط تلميذة في الثالثة عشرة من العمر، الاسم: فدوى طوقان. الصف: شطبت الكلمة وكتبت بدلاً منها المعلم: إبراهيم طوقان. الموضوع: تعلم الشعر. المدرسة: البيت.

وبدت مرحلة جديدة في حياة فدوى طوقان، مرحلة تشعر فيها بذاتيتها وإنسانيتها وحقها في التعلم، وتجدد معها ثقتها بنفسها "أصبحت خفيفة كالطائر، لم أعد مثقلة القلب بالهم والتعب والنفس، في لحظة واحدة انزاح جبل الهوان وابتلعه العدم. وامتدت مكانه في نفسي مساحات مستقبل شاسع مضيئة خضراء كمروج القمح في الربيع".

وحاول المعلم أن يختبر رغبة أخته الصغرى في تعلم الشعر، فتوقف عن مراجعتها لفترة محدودة دون أية كلمة عن الدروس، وفي اليوم الرابع راجعته بصوت مرتعش: هل غيرت رأيك؟ ويأتي الجواب منه سريعاً: لم أغير رأيي، ولكنني توقفت لأتأكد من صدق رغبتك في التعلم، سنواصل اليوم الدرس.

بدأت فدوى طوقان تكتب على منوال الشعر العمودي، ومالت بعد ذلك إلى الشعر الحر.

آثارها الشعرية :

صدرت للشاعرة المجموعات الشعرية التالية تباعاً:

ديوان وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة ،1952م.

وجدتها، دار الآداب، بيروت، 1957م.

أعطنا حباً، دار الآداب، بيروت, 1960م.

أمام الباب المغلق، دار الآداب، بيروت ، 1967م.

الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969م.

على قمة الدنيا وحيداً، دار الآداب، بيروت، 1973.

تموز والشيء الآخر، دار الشروق، عمان، 1989م.

اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000م.

وقد ترجمت منتخبات من شعرها إلى اللغات: الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والفارسية والعبرية.

آثارها النثرية:

أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946م

رحلة صعبة- رحلة جبلية (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985م. وترجم إلى الانجليزية والفرنسية واليابانية والعبرية.

الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، (1993) ترجم إلى الفرنسية.

الأوسمة والجوائز:

جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر البيض المتوسط باليرمو إيطاليا 1978م.

جائزة عرار السنوية للشعر، رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، 1983.

جائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م.

وسام القدس، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990.

جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو- ايطاليا.

جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة - إيطاليا 1992.

جائزة البابطين للإبداع الشعري، الكويت 1994م.

وسام الاستحقاق الثقافي، تونس، 1996م.

جائزة كفافس للشعر، 1996.

جائزة الآداب، منظمة التحرير الفلسطينية، 1997م.

نتاج فدوى طوقان الأدبي في الرسائل العلمية :

أ - الدكتوراه :

- إنتاج فدوى طوقان الشعري، د. عبد الله الشحام، جامعة مانشستر، انجلترا.

- سيرة فدوى طوقان الذاتية، مايا فان درفلدن، جامعة أمستردام،هولندا.

- فدوى طوقان: أغراض شعرها وخصائصه الفنية، د. إبراهيم العلم، الجامعة اللبنانية.

ب - الماجستير:

الصورة، أثر الوجدان الإسلامي في إنتاج فدوى طوقان، يحيى الأغا، جامعة القاهرة.

فرجينيا وولف وفدوى طوقان في السيرة الذاتية لكل منهما (دراسة مقارنة)، سيرين حليلة، جامعة لندن.

الصورة الشعرية عند فدوى طوقان، خالد السنداوي، الجامعة العبرية.

فدوى طوقان في سيرتها الذاتية، ناديا عودة، جامعة بون، ألمانيا.

سيرة فدوى طوقان وأهميتها في دراسة أشعارها، رمضان عطا محمد شيخ عمر، جامعة النجاح الوطنية، نابلس.

هذا عدا أبحاثٍ ودراساتٍ كثيرةٍ نشرت في الكتب والمجلات والدوريات العربية والأجنبية. وثمة دراسات علمية أخرى صدرت مؤخرا ولم يتسن الاطلاع عليها.

قالوا عن فدوى طوقان:

"فدوى طوقان من أبرز شعراء جيلها، وما من شك في أن ما أسهمت به في دواوينها يعد جزءاً هاماً من التراث الشعري الحديث".

من تقرير لجنة تحكيم جائزة البابطين للإبداع الشعري، 1994م.

- تميزت فدوى طوقان بروح إبداعية واضحة، وضعت شعرها في مقدمة الشعر النسائي الفلسطيني إن لم يكن في مقدمة الشعر النسائي العربي. "شاكر النابلسي، من مقدمة كتابه "فدوى طوقان تشتبك مع الشعر"

- فدوى طوقان شاعرة عربية بديعة الأنغام، والتصاوير، والموسيقى، صاحبة موهبة فنية رفيعة بين شعراء وشاعرات الوطن العربي المعاصرين" د. عبد المنعم خفاجي، من ملف جريدة البعث السورية عن فدوى طوقان.

- كان شعرها صوراً حية لتطور الحياة الشعرية بعد النكبة، ومن يمض في قراءته، ويتدرج معه من حيث الزمان، يجد صورة وجدانية لحياة المجتمع الفلسطيني وتطورها بفعل تطور الأحداث المشتملة عليه". د. عبد الرحمن ياغي، من ملف جريدة البعث السورية عن فدوى طوقان.

- كانت قضية فلسطين تصبغ جانباً هاماً من شعر فدوى بلون أحمر قان، وكان شعر المقاومة عندها عنصراً أساسياً وملمحاً رئيسياً لا يكتمل وجهها الشعري بدونه". من ملف جريدة البعث السورية عن فدوى طوقان.

- منذ أيام الراحل العظيم طه حسين لم تبلغ سيرة ذاتية ما بلغته سيرة فدوى طوقان من جرأة في الطرح وأصالة في التعبير وإشراق في العبارة "الشاعر سميح القاسم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس ابو زينه




عدد المساهمات : 76
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

الشاعرة فدوى طوقان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشاعرة فدوى طوقان   الشاعرة فدوى طوقان I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 30, 2009 8:58 am

من شواعر الأرض المقدسة فلسطين

إشراف الأستاذ: خالد خميس فــرَّاج

إعداد الطالبة: فاطمة سعيــد العلوي

حياة الشاعرة :

هي فدوى عبد الفتاح آغا طوقان . ولدت عام 1917 بفلسطين، وتحمل الجنسية الأردنية. تلقت تعليمها الابتدائي في نابلس ثم ثقفت نفسها بنفسها، والتحقت بدورات اللغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي. وفدوى طوقان كانت عضوا في مجلس أمناء جامعة النجاح بنابلس. وحضرت العديد من المهرجانات والمؤتمرات العربية والأجنبية.

حصلت فدوى طوقان الشاعرة على عدد كبير من الجوائز، فقد جائزة رابطة الكتاب الأردنيين 1983، وجائزة سلطان العويس 1987، وجائزة ساليرنو للشعر من إيطاليا، ووسام فلسطين، وجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري 1994. وجائزة كافاتيس الدولية للشعر عام 1996.

فدوى والشعر :

تعرفت إلى عالم الشعر عن طريق أخيها الشاعر إبراهيم طوقان. وقد عالج شعرها الموضوعات الشخصية والاجتماعية، وهي من أوائل الشعراء الذين عملوا على تجسيد العواطف في شعرهم، وقد وضعت بذلك أساسيات قوية للتجارب الأنثوية في الحب والثورة، واحتجاج المرأة على المجتمع. ولشعرها مراحل، فقد تحولت من الشعر الرومانسي إلى الشعر الحر ثم هيمنت على شعرها موضوعات المقاومة بعد سقوط بلدها.

ما صدر عنها من دراسات وبحوث :

- صدرت عنها دراسات أكاديمية (للماجستير والدكتوراه) في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، كما كتبت عنها دراسات متفرقة في الصحف والمجلات العربية، إلى جانب كتابات أخرى لكل من إبراهيم العلم ، وخليل أبو أصبع ، وبنت الشاطئ وروحية القليني، وهاني أبو غضيب، وعبير أبو زيد وغيرها .

ومن الكتب الجديدة حول الشاعرة فدوى طوقان كتاب : ( من إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى) ، وهو كتاب جديد يكشف دور الشاعر إبراهيم طوقان في تثقيف أخته عبر الرسائل. وفيه يطالب بها الشاعر إبراهيم أخته الشاعرة فدوى - بمطالب تتعلق باللغة والوزن والصورة، وفي سبيل تطوير أدواتها، وكان المصدر الأول الذي يحقق ذلك هو القرآن .

وصدر عن دار الهجر للنشر والتوزيع-بيت الشعر-في مدينة رام الله بفلسطين كتاب آخر " رسائل إبراهيم طوقان إلى شقيقته فدوى". وعلى هذا الصعيد تكشف الرسائل مدى العنت والجهد الذي يبذله الطرفان للوصول إلى الهدف فهو يرشدها إلى قواعد اللغة والى قوانين الشعر، ويقترح لها فيما تقرأ ، وفيما تكتب ويصحح لها، وحين يطمئن إلى مستوى معقول يدفعها لتدفع بشعرها للنشر.

الشعر من 1948- 1967 :

- كانت فدوى طوقان أشهر من عرف في عهد الانتداب من الشعراء وكذلك أبو سلمى الذي استقر في دمشق، وقد تميزت قصائد أبو سلمى بعد 48 باهتزاز الرؤية وفقدان الثقة، أما فدوى طوقان فقد تطورت بشكل مختلف فأغنت الشعر العربي بالشعر الرشيق الذي يعبر عن اكتشاف الأنثى لذاتها .

مراحل شعـر فدوى طوقـان :

- فقد نسجت في المرحلة الأولى على منوال الشعر العمودي وقد ظهر ذلك جليا في ديواني(وحدي مع الأيام) و(وجدتها) وشعرها يتسم بالنزعة الرومانسية.

-وفي المرحلة الثانية اتسمت أشعارها بالرمزية والواقعية وغلبه الشعر الحر وتتضح هذه السمات في ديوانيها (أمام الباب المغلق)و (والليل و الفرسان).

- بدأت الشاعرة فدوى طوقان مع القصيدة التقليدية العمودية، لتقتنع بعدها بقصيدة التفعيلة، مشيرة إلى أنها تعطي للشاعر فسحة ومجالا أكثر. كما إنها تقول إن قصيدة التفعيلة سهلت وجود شعر المسرح.

إحدى الأمسيات الشعرية التي حضرتها فدوى طوقان في الإمارات .

- للشاعرة فدوى طوقان نشاطات على الصعيد العربي والعالمي، وتتحدث الشاعرة فدوى طوقان في أمسياتها عن المعاناة التي لازمتها منذ احتلال اليهود للأرض العربية الفلسطينية، حتى إن كثيرا من قصائدها خرج إلى الوجود من خلال هذه المعاناة. وفي هذه الندوة تقول: إنها مازالت تشعر بالمهانة والإذلال كلما رأت الأراضي العربية تدنس بأقدام اليهود.

من قصائدها :

يا نخلتي يحبني اثنان

كلاهما كـورد نيسان

كلاهما أحلى من السكر

وتاه قلبي الصغير بينهما

أيهما أحبة أكثر؟؟

أيهما يا نخلتي أجمل؟

قولي لقلبي ، إنه يجهل

في الرقصة الأولى

بين ظلال وهمس موسيقى

وشوشني الأول

وقال لي ما قال

رفّ جناحا قلبي المثقل بالوهم، بالأحلام، بالخيال

لم أدر ماذا أقول أو أفعل

في الرقصة الأخرى

حاصرني الثاني وطوقت خصري ذراعان

نهران من الشوق وتحنان

وقال لي قال

رفّ جناحا قلبي المثقل

بالوهم، بالأحلام، بالخيال

وا حيرتي! يحبني اثنان كلاهما كورد نيسان

كلاهما أحلى من السكر أيهما أحبة أكثر؟

- وفي ملحمتها (نداء الأرض) تصور فدوى طوقان شيخاً فلسطينياً في لحظة التساؤل المرير عن المصير الذي آل إليه حاله وحال شعبه :

أتغصب أرضي؟

أ يسلب حقي وأبقى أنا حليف التشرد أصبحت ذلة عاري هنا

أأبقى هنا لأموت غربياً بأرض غريبة

أأبقى ؟ ومن قالها؟ سأعود لأرضي الحبيبة

سأنهي بنفسي هذه الرواية

فلا بد ، لا بد من عودتي

كان بعينه يرسب شيء

ثقيل كآلامه مظلم

لقد كان يرسب سبع سنين

انتظار طواها بصبر ذليل

تخدره عصبة المجرمين

وترقد تحت حلم ثقيل

أهوى على أرضه في انفعال يشم ثراها

يعانق أشجارها ويضم لآلئ حصاها

ومرغ كالطفل في صدرها الرحب خداً وفم

وألقى على حضنها كل ثقل سنين الألم

وهزته أنفاسها وهي ترتعش رعشة حب

وأصغى إلى قلبها وهو يهمس همسة عتب

رجعت إلي

وكانت عيون العدو اللئيم على خطوتين

رمته بنظرة حقد ونقمة

كما يرشق المتوحش سهمه

ومزق جوف السكوت المهيب صدى طلقتين.

- وتقول فدوى طوقان في قصيدة الأفضال :

إلي أين أهرب منك وتهرب مني؟

إلي أين أمضي وتمضي؟

ونحن نعيش بسجن من العشق

سجن بنيناه، نحن اختياراً

ورحنا يد بيد..

نرسخ في الأرض أركانه

ونعلي ونرفع جدرانه

البداية



الفدائي والأرض

كانت فدوى طوقان – في ذلك الزمان العصيب الذي كنا نظنه ذروة المأساة (سبتمبر 1967) فإذا به البداية الكارثية لما نعايشه اليوم في الأرض المحتلة وفي الوطن العربي كله – كانت لا تكتفي بهذه الصرخات الشعرية المدوية ، الرافضة لليل الهزيمة وإعصارها الشيطاني وطوفانها الأسود ، فقد تحوّلت إلى جيش محارب ، طلقاته وذخيرته كلمات مغموسة بدم القلب وعطر الشهداء ، وقصائد متوهّجة بإرادة النضال والبطولة والتحدي ، وانهالت رسائلها الشعرية المقاتلة – التي نجحت في تسريبها سرّاً من نابلس حيث تقيم في الضفة الغربية – إلى أصدقاء لها في القاهرة وبيروت ، ومن العاصمتين تنتقل الرسائل إلى الصحف والإذاعات . بكلماتها في اختراق الأسوار وتوصيل الصوت الفلسطيني الحقيقي إلى كل مكان لتبدّد بعض ظلمات ليل الهزيمة .

من بين ثنايا هذه القصائد ، وغيرها من شعر فدوى ، كان جمال جديد للعربية يتألق : هو جمال الصدق والعنفوان ، وهو شيء آخر غير جمال البلاغة وروعة الصور والتشبيهات والاستعارات وألوان البيان . جمال مسقّى بنبض الصدق ، واحتراق الحرف ، وزهو اللغة المعبّرة ، وروعة تشكيل القصيدة الشعرية التي يمكن أن تكون تحقيقاً أو رسالة أو وصية أو حوارية أو تصويراً لحادثة أو رجع صدى لموقف أو حالٍ أو كياناً يتشكّل خارج كلّ هذه الأطر والصيغ ، لأن كيان الفجيعة والمواجهة التي تحمل عُرْيها الكامل ، وتلقي بالزيف والتردد والهوان واللامبالاة .

وما أشدّ حاجة شعرنا اليوم إلى هذا الجمال النبيل الفريد ، جمال الصدق والمواجهة ، وجمال ارتفاع قامة المبدع إلى مستوى لغته القومية ، وارتفاع قامة اللغة التي يبدعها إلى مستوى الشموخ والكبرياء .

وليبارك الله في عُمر هذا الكنز الجميل : فدوى طوقان ، إنسانةٌ ومبدعة !

البداية



رحلة جبلية - رحلة صعبة

تروي الشاعرة فدوى طوقان في سيرتها الذاتية "رحلة جبلية – رحلة صعبة"، التي صدرت عام 1985، تروي فيها تفاصيل طفولتها وشبابها ونضوج تجربتها الشعرية وتنتهي بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في حزيران 1967.

أصدرت فدوى الجزء الثاني من سيرتها الذاتية بعنوان "الرحلة الأصعب" عام 1993، وفيه تروي عن حياتها وحياة شعبها خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي.
في القطعة التالية تصف فدوى بأسلوب قصصي جميل أولاً ، تعدي أفراد أسرتها عليها في طفولتها الباكرة ، ثم مساعدة أخوها لها وتعاطفه معها في سعيها لقرض الشعر .


" .... عشر مرات حملت أمي . خمسة بنين أعطت إلى الحياة وخمس بنات ، ولكنها لم تحاول الإجهاض قط إلا حين جاء دوري . هذا ما كنت أسمعها ترويه منذ صغري.

كانت مرهقة متعبة من عمليات الحمل والولادة والرضاع . فقد كانت تعطي كل عامين أو كل عامين ونصف العام مولوداً جديداً . يوم تزوجت كانت في الحادية عشر من عمرها ، ويوم وضعت ابنها البكر كانت لم تتم الخامسة عشرة بعد. واستمرت هذه الأرض السخية - كأرض فلسطين - تعطي أبي غلتها من بنين وبنات بانتظام .

أحمد - إبراهيم - بندر - فتايا - يوسف - رحمي .. كان هذا كافياً بالنسبة لأمي ، وأن لها أن تستريح ، لكنها حملت بالرقم السابع على كره . وحين أرادت التخلص من هذا الرقم السابع ظل متشبثاً في رحمها تشبث الشجر بالأرض ، وكأنما يحمل في سر تكوينه روح الإصرار والتحدي المضاد.

ولأول مرة في حياتهما الزوجية ينقطع أبي عن محادثة أمي لبضعة أيام . فقد أغضبته محاولة الإجهاض . كان المال والبنون بالنسبة له زينة الحياة الدنيا ، وكان يطمع بصبي خامس . لكني خيبت أمله وتوقعه .

أصبح لديه الآن ثلاث بنات مع البنين الأربعة ..وتبعني فيما بعد أديبة ثم نمر ثم حنان . فاستكملنا العدد (عشرة).

لا تحمل ذاكرتي أية صورة لأول يوم دخلت فيه المدرسة . كما أنها لا تحتفظ بذكرى المرحلة الأولية التي تعلمت فيها قراءة الحروف وكتابتها . ولكن الذي أذكره بوضوح هو استمتاعي دائماً بمحاولة قراءة أي شيء مكتوب وقع عليه بصري .

لم يكن في نابلس أكثر من مدرستين للبنات ، (المدرسة الفاطمية) الغربية و(المدرسة العائشية) الشرقية . وكان أعلى صف هو الخامس الابتدائي . في (المدرسة الفاطمية) تمكنت من العثور على بعض أجزاء من نفسي الضائعة . فقد أثبت هناك وجودي الذي لم أستطع أن أثبته في البيت . أحبتني معلماتي وأحببتهن ، وكان منهن من يؤثرني بالتفات خاص. أذكر كيف كان يشتد خفقان قلبي كلما تحدثت معي معلمتي المفضلة (ست زهرة العمد) والتي أحببتها كما أحب واحدة من أهلي في تلك الأيام . كانت جميلة وجهاً وقواماً ، وكانت أنيقة ، شديدة الجاذبية.

لا أذكر أن واحدة من معلماتي تركت في نفسي ذكرى جارحة أو أثراً لمعاملة سيئة على مدى السنوات القليلة التي أمضيتها في المدرسة . لقد أشبعت المدرسة الكثير من حاجاتي النفسية التي ظلت جائعة في البيت . أصبحت أتمتع بشخصية بارزة بين معلماتي وزميلاتي . وكان من دواعي سعادتي أن معلمة اللغة العربية بين معلماتي أحياناً تلقي على مهمة تدريس التلميذات المتخلفات في الصف .

لقد أصبحت المدرسة أحب إليَّ من البيت والمكان الأكثر ملائمة لي . وفي المدرسة عرفت مذاق الصداقة وأحببته . كانت رفيقة مقعدي الدراسي تلميذة في مثل سني اسمها "عناية النابلسي" وكانت أحب صديقاتي إليّ وأقربهن إلى نفسي.

البداية



ذاكرة تليق بفدوى طوقان

بقلم علي الخليلي

يليق بفدوى طوقان أن تحمل لقب "سنديانة فلسطين"، و"أم الشعراء"، و "الجبل الثالث في نابلس". ويليق بها أن تحمل اسم "شاعرة العرب" في هذا العصر. ويليق بها أن م تكون الشاعرة العربية في مختلف العصور. ليس ثمة في الذاكرة الشعرية العربية، من ألف سنة إلى الآن، شاعرة بحجم فدوى طوقان. تمتلئ هذه الذاكرة الخصبة بأسماء وألقاب عشرات، وربما مئات الشعراء الذين يتربع على رأسهم "المتنبي"، إلا أن القائمة الطويلة لهؤلاء الشعراء، من الماضي البعيد، إلى الحاضر الراهن، لا تشتمل على امرأة عربية شاعرة في أي عصر، استطاعت أن تخترق الصفوف، وأن تذلل الصعاب الكثيرة، لتتبوأ القمة العالية، سوى فدوى طوقان، في هذا العصر.

على مدار ثلاثة أجيال، في زمن العتمة والخوف والنكبات، واصلت فدوى طوقان رحلتها "الجبلية الصعبة"، ثم رحلتها "الأصعب"، قصيدة بعد قصيدة، ومعاناةٍ إثر معاناة، على الطريق نحو القمة التي هي قمة شعبها وأمتها وقضيتها الفلسطينية،. ولعلها قمة الإنسانية بشكل عام. القمة في الشعر، والقمة في الإصرار على الوصول إلى الفيض المتوهج في قلب الأرض، وفي قلب الإنسان. والقمة في الانتصار على العتمة والخوف والنكبات.

سيدة الشعر العربي المعاصر فدوى طوقان، تستريح الآن على هذه القمة، حيث لا شأن للموت في هذا المعنى. ولكنه شأن الحياة المستمرة في حركة قصائدها، جيلاً بعد جيل. شأن الوعي المتجدد بالقصيدة الفلسطينية التي جعلت منها فدوى طوقان ضميراً لفلسطين الوطن، وفلسطين الحق، وفلسطين الحرية والعدل والثورة والاستقلال.

وإذا كانت الطائرات والدبابات والجرافات الإسرائيلية العدوانية ما تزال تحاول محاصرة هذا الضمير بالقتل والإرهاب والتدمير على امتداد فلسطين، فإن روح القصيدة الفلسطينية، روح فدوى طوقان، تملأ المكان والزمان، خصباً ونماءً وإشراقاً، في مواجهة الخراب والدمار.

قال موشيه ديان وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق: إن كل قصيدة من قصائد فدوى طوقان تصنع عشرة فدائيين، وقد انطوى ذلك الوزير الاحتلالي الاستيطاني واندثر، في الوقت الذي أصبح فيه الفدائيون بالآلاف. فدائيون يصنعهم الشعر، من أجل عشبة خضراء تنمو في شقوق الأنقاض التي تطحنها جرافات إسرائيل. وفدائيون يتذوقون الحكمة والجمال والفرح، من أجل حمامة بيضاء حلمت بها فدوى طوقان. وفدائيون يقدسون الحياة، من أجل أطفال يلعبون ويمرحون، ولا يسقطون برصاص وقنابل إسرائيل. وفدائيون من أجل "رقيّة" اللاجئة الفلسطينية التي يجب أن تعود إلى بيتها، وملاعب صباها، دون قيد أو شرط .

تطل فدوى طوقان، في كل صباح، على الناس أجمعين، في "الياسمينة" و"القريون" و"باب الساحة" و "المخفية" بنابلس، وفي "خان الزيت" بالقدس، وفي حيفا ويافا وعكا والناصرة. وفي القاهرة ودمشق وعمان وبغداد وبيروت، وتونس. وفي لندن وروما وباريس. وفي كل أرض، حيث لا حدود ولا سدود بين الناس في القصيدة التي تحملهم إلى أعماق إنسانيتهم وشغفهم بالمستقبل الأجمل والأفضل .

من "وحدي مع الأيام"، إلى "وجدتها"، إلى "أعطنا حباً"، إلى "أمام الباب المغلق"، إلى "الليل والفرسان"، إلى "على قمة الدنيا وحيداً"، إلى كل مجموعاتها الشعرية المتدفقة، تأخذ فدوى طوقان بأيدينا إلى ينابيع الحياة، فنعرف أننا قادرون على الثبات ضد الزلزلة، وعلى الفرح ضد الحزن والكآبة، وعلى الأمل ضد اليأس، وعلى الانتصار ضد الهزيمة. ونعرف أن التطور الذي أحدثته فدوى طوقان في أشكال هذه الينابيع/القصائد ومضامينها، مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب في العراق، وصلاح عبد الصبور في مصر، وسلمى خضراء الجيوسي في فلسطين، في مرحلة مبكرة، هو أيضاً، تطور لحركة المرأة العربية على وجه التحديد، في مواجهة التهميش والانغلاق والعزلة، وتطور في أشكال المجتمع العربي ومضامينه كلها، على طريق حضاري لا يعرف الخوف أو الانكسار.

ينابيع باقية إلى الأبد ، لا تجف ولا يسممها الاحتلال أو يدمرها بأنياب جرافاته ومخالبها، وقنابل وصواريخ طائراته ودباباته. ينابيع فياضة تؤكد في كل صبح، وفي ولادة كل طفل، وزنبقة، وسنبلة قمح، وفراشة، وقطرة ندى، أن هذا الاحتلال زائل، وأن القصيدة الفلسطينية المشبعة بروح فدوى طوقان أقوى من همجية جنرالات إسرائيل وترسانتهم العسكرية الوحشية، وأقوى من قيود العزل والاستلاب .

لنا أن نحزن برحيل سيدة شعرنا كله، ولنا أن نقف معها على القمة، متشبثين بالبذور التي أنشأتها ورعتها فينا، وأن نجعل منها عطاءً مستمراً ملء الكون كله .

البداية



حلقة خاصة مع الشاعرة

طالما قرأنا دواوينها وقصائدها، حزن روحها المستتر وراء كل حرف وكلمة في تلك القصائد شدنا لشعرها ونحن لم نزل في مرحلة من العمر لا تسمح لنا بالتفكير ماذا سنكون في المستقبل، ومرت الأيام وتخرجنا صحافيات من الجامعة التي كتبت هي نشيدها وكان اليوم الذي جمعنا بها في مقابلة صحافية، دخلنا بيتها استقبلتنا واقفة رغم وضعها الصحي السيئ الابتسامة تعلو شفتيها، وتلوح وراء كل تجعيدة في وجهها قصة من قصص حياتها، وحيدة في البيت الكبير بعد عمر طويل، وحدة تنبئتها وعاشتها حتى وهي بين عائلتها، في وحدي منع الأيام وأنا وحدي مع الليل،وعلى قمة الدنيا وحيدا، وقبل أن نطرح الأسئلة التي بذلنا جهدا كثيرا لتكون على مستوى الشخصية، كان لا بد من دردشة فأخذتنا معها إلى حياتها الأولى التي هي باختصار تأريخ لحياة شعبها، فمن المنزل الذي عاشت به دون أن تتمكن من اتخاذ قرار لإكمال دراستها إلى سنوات الهزيمة والرايات البيض والتي أخرجتها من ذاتيتها، إلى وحدتها في بيت كبير برفقة ذكرياتها ودواوين شعرها، وصورة أخيها إبراهيم صديقها الذي لم تمهلها الدنيا لاكتشاف حلاوة طعم الصداقة معه، بجانبها.
ولخصت سنوات العمر الطويل بكلمات بخط يدها على غلاف ديوانها الأخير،" اللحن الأخير "


"أساء ألي الزمان كثيرا كثيرا
إذ اقتاده في مسار حياتي وحشاً خطير
وشراً كبيراً كبير "


وبدأنا بالحديث عن الشعر والانتفاضة والثورات ودور الشاعر في تلك الثورات، كونها عايشت ثورات وجرح فلسطين الأول وإلى الآن، وكيف ناضل الأديب الفلسطيني إلى جانب الثائر جنب إلى جنب.

* أين فدوى طوقان من الانتفاضة الحالية؟

- أنا متابعة لما يحدث على الساحة الفلسطينية , لكن بسبب المرض الذي ألم بي "الجلطة" فقد أثرت على بصري, أتابع الأحداث من خلال التلفاز لسماع الأخبار, بالرغم من ذلك فقد كتبت في ديواني الأخير أتحدث فيه عن أحلام السلام المستحيل مع اليهود.

* ما هي إنتاجاك في هذه المرحلة ؟

- الواقع أن مرضي اثر علي تأثيرا كبيرا على إنتاجي الأدبي , فلم انتج أي شيء, حيث آخر إنتاج لي كان " اللحن الأخير" وهو مجموعة أشعار عاطفية أتحدث فيها عن عاطفتي في أيام الكبر, والتي اعتبرها أيامي الأخيرة . فلم استطع الكتابة لأنني خائفة من المستقبل , ماذا سيحصل معي وينتابني قلق كبير مما يؤثر كثيرا على كتاباتي.

كيف ترسم الأديبة الشاعرة فدوى طوقان تصورها للانتفاضة الحالية إيجابا أم سلبا؟

استمرار الانتفاضة ضروري جدا, فتوقفها يفرح الأعداء كثيرا , يجب أن يكون لدينا نظرة إيجابية حيالها, وان لا نكون سلبيين في تعاملنا مع هذا العدو الشرس, الذي تتكاثف فيه كافة الأحزاب الإسرائيلية بالرغم من خلافاتها الكبيرة من اجل تهبيط عزائم وإخماد جذوة الانتفاضة , ونحن بأشد الحاجة أن يكون لدينا هدف واحد من اجل نيل حقوقنا المشروعة.

* أن تعاصر الشاعرة ثورات متعددة لكل منها ظروفها وملابساتها , هل يفرض عليها نوعا أو اتجاها معينا للكتابة؟

- كل ثورة من هذه الثورات وكل مرحلة نضالية كانت تحمل خصوصية في ملابساتها , وفي شخصيتها وقادتها , لذلك كانت الأوضاع تفرض نفسها على كل قصيدة تكتب حسب المرحلة والمكان والأشخاص, حتى أن بعض القصائد كانت تفقد معناها نتيجة لبعض الأحداث السياسية , فمثلا ثورة فوزي القاوقجي في الثلاثينيات ثارت في خيالي ومشاعري فككبت على نظم قصيدة تعكس انبهار الصبية الرومانسية بشخصية قائد الثورة الأسطوري ولكن مع خمود الجماهير له مع مرور الأيام تضيع القصيدة المبهورة . ألا أن أشعار كل هذه الثورات السابقة تحمل في مضمونها نفس الهدف والفكرة , وبما أن الطرف الآخر في هذه القصائد هو العدو الأوحد لنا جميعا يتكرر الكره له في كل بيت وكل مقطع , فان خلود هذه القصائد باق ما بقي العدو وبقيت الروح النضالية موجودة في قلب كل مقاوم.

* هل هناك فرق بين الوطني المقاتل في ساحة المعركة وبين الكاتب والأديب والشاعر الذي يناضل من اجل نفس القضية؟

- في اعتقادي أن دور الشاعر والأديب لا يقل أهمية عن دور المقاتل في ساحة المعركة, فالشاعر الوطني الذي ينظم الشعر الحماسي يكون دافعا قويا لهؤلاء المقاتلين للصمود والاستبسال في المعركة, واذكر في هذا السياق أن في خلال حرب 67 قرأت قصيدة في الإذاعة بعنوان " لن ابكي" وكانت هذه القصيدة حماسية لدرجة أن مجموعة من المقاتلين سمعوها وعندما انتهت القصيدة قام أحدهم واحضر مصحفا واخذوا يحلفون عليه واحدا تلو الآخر, أن يقاوموا حتى النهاية وان لا يستسلموا أبدا.

* حسب اعتقادك هل ما زال شعر المقاومة يعبر عن وضع الانتفاضة الحالية مقارنة بالثورات والانتفاضات السابقة؟

- محمود درويش, سميح القاسم, توفيق زياد, من ابرز شعراء المقاومة الفلسطينية, كتبوا أشعارا ساعدت كثيرا على دفع المقاومة إلى الإمام ودعم الثورات والانتفاضات السابقة, وأنا ضد من بقول أن شعر المقاومة ذهبت مناسبته لأنه شعر حقيقي وصادق ويصلح لكل ثورة فلسطينية في أي زمان كان, لأنه حالة فريدة من الشعر تخص مقاومة الشعب الفلسطيني ذاته.

في ظل هذه الانتفاضة وما شملته من حصار واغتيالات هل للأديب أو الشاعر نفسية خصبة للكتابة ؟

اعتقد أن ما يشاهده الشاعر من أحداث يومية تهز مشاعره وكيانه, وتفتح له آفاق عديدة للكتابة, فأنا عندما كنت اجلس أمام التلفاز واستمع لأخبار الحروب والقتل , أتخيل أن الكرة الأرضية عبارة عن فنجان من القهوة احمله واقلبه واسكب معه كل شعوري وعواطفي وانفعالاتي لم أشاهد , هذه الفكرة ألهمتني قصيدة باسم " هذه الكوكب الأرضي" ألقيتها في مهرجان جرش أهديتها لصديقتي الأديبة حياة الحويطي.

ومما قلته في هذه القصيدة :

لو بيدي

لو أني اقدر أن اقلبه هذا الكوكب

أن أفرغه من كل شرور الأرض

أن اقتلع كل شرور البغض

* في فترة السبعينيات اتهمت فدوى طوقان بأنها شاعرة ذاتية , ماذا تقولين بذلك؟

- هذا صحيح, فقد كان يتهموني بآني شاعرة ذاتية اكتب شعرا عن تجربتي الذاتية في الحياة , لكن القارئ لسيرتي الذاتية يعرف لماذا كان ذلك, فطريقة نشأتي وتجربتي الشخصية وهي أن الإنسان خلق وحيدا ويتعذب وحيدا ويموت وحيدا وأنا انظر إلى معاناتي فأجد أن لا أحد يتعذب معي فأنا لوحدي , وهذا كله جعلني اكره وحدتي خاصة أن الإنسان والشاعر بالذات لا يتكامل إلا مع الجماعة . وهذا الشعور لم يعد لي إلا بعد حرب حزيران حيث عدت لها, فالاحتلال الإسرائيلي ارجع إلى الإحساس بنفسي ككائن اجتماعي, فقد كنت بسببه التقي بالجماهير الشعبية, عرفت القيمة والمعنى الحقيقي الذي يتحمر في دنان الشعب.

* هل يمكن اعتبار الطفرات الإبداعية التي حظيت بها الثورات والانتفاضات الماضية ظواهر أخذت بالاندحار مع كل مرحلة؟

- الإبداعات لا تنتهي بأي جيل والمواهب موجودة, وقد تكون أفضل من شعراء كبار نعرفهم , لكن المشكلة في قلة الثقافة وقلة الاتجاه نحو تعميق الثقافة عند الشعراء والأدباء وزيادة الاطلاع, بالإضافة إلى أساليب قد تكون سياسية تمنعهم من كشف أعمال غاية الإبداع بسبب الموقف السياسي من هذه الأعمال.

* كيف يمكن للأدب العربي والإسلامي استثماره في مواجهة تشويه الأعمال الأدبية العربية وخاصة الفلسطينية خلال هذه الفترة؟

- أننا في الوطن العربي والإسلامي نمتلك مخزونا ثمينا من الذخائر الثقافية والأدبية في مجال الشعر والنثر, كل جزئية منها تعبر عن معاناة الشعوب حتى الاحتلال والقهر خاصة الذي يتعرض له الفلسطينية في شتى مراحل ثوراته, وان محاولات الجهات الصهيونية الرامية إلى تشويه هذا الإنتاج الثقافي." هنا توقفت لبرهة من الوقت للاستراحة لأنها شعرت بالدوخة لمدة 10 دقائق ولكنها أبت إلا أن تستمر وبإصرار".وهذه القصائد الخالدة لن تنجح إذا ما وجهت بوقفة مقابلة من قبل الأدباء والمثقفين العرب والمسلمين الذين اثبتوا في الكثير من الدول العربية والإسلامية, وفي مواقف مختلفة خاصة في الانتفاضة دعمهم للمقاومة ومقاطعتهم كافة أساليب التطبيع مع العدو الصهيوني, كما أن ما يتوفر لشعراء وأدباء اليوم من وسائل الأعلام وأساليب النشر يستطيعون بها إيصال ما يريدون من شتى أنحاء العالم يساعد في فضح الممارسات الصهيونية ورد محاولة التشويه التي يتعرض لها الإنتاج الثقافي العربي الإسلامي.

انظر إليهم في البعيد

يتصاعدون إلى الأعالي, في عيون الكون هم يتصاعدون

وعلى جبال من رعاف دمائهم

هم يصعدون ويصعدون

كلمات أفردتها فدوى طوقان لأطفال الحجارة, تلك الفئة الأسطورة التي استطاع القليل القليل من الشعراء والأدباء إيفاءهم بعض حقهم في الوصف.

* فقدان الشعور بالأمومة هل اثر على كتابتك للأطفال الفلسطينيين والأطفال بشكل عام؟

- الأطفال يشكلون شيئا أساسيا في حياتي وأكن لهم عاطفة قوية, على الرغم من أنني لم انجب أطفالا, وتعلقت بأحد الأطفال وهو الآن ابن لقريبي لدرجة قوية, إذ جاءت أمه يوما لتأخذه فإذا به يحضنني ويصرخ ويبكي فشعرت انه قد دخل قلبي من يومها وأنا اعزه كثيرا, ووضعت صورته على الجدار في معيشتي.

هذه إن كانت حادثة صغيرة إلا أنها أثرت في كثيرا, إذ أن أجمل ما في الحياة الشعور بعاطفة الأمومة, هذا المستوى الشخصي, من جهة أخرى فان الظاهرة التي عرفت فيما بعد لأطفال الحجارة, أبهرتني وجعلتني افرد لها قصائد كثيرة اعبر فيها عن مدى حبي لهذا الجيل المختلف في كل شيء في طموحه ومقاومته وصبره وبراءته وقدرته على التصدي باعتني القوى العسكرية التي لم تستطع على مجابهتها دول, فكان لأطفال الحجارة دورا رائدا في إذلالها وفضح سياستها أمام العالم.

فكتبت أيضا من قصيدة "شهداء الانتفاضة"

لن يمسك الموت الخؤون قلوبهم

فالبعث والفجر الجديد

رؤيا ترافقهم على درب الفداء

انظر في انتفاضتهم صقورا, يربطون الأرض

والوطن المقدس بالسماء

* في فترة توقف إنتاجك الشعري هذا كيف ترين الاهتمام ببدوي طوقان الإنسانة؟

- أنا غنية باهتمام ورعاية الناس لي, فأنا اجتماعية وعاطفية مع الناس أحبهم أتعاطف معهم, ولدي الكثير من الصداقات في هذه الفترة بالذات فترة مرضي شعرت حقا بمدى حب الناس لي ولمست ذلك من خلال الزيارات يوميا كالمطر علي, أما الاهتمام من الجهات الرسمية كان كبيرا فجامعة النجاح الوطنية كرمتني بإعطائي الدكتوراه الفخرية هذا بالإضافة إلى الجوائز المادية التي احصل عليها فالشيخ عبد الله العويسي من الشارقة قدم لي جائزة بقيمة 100الف دينار , وهناك العديد من الجوائز لا اذكرها, فأنا غنية والحمد لله معنويا وماديا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشاعرة فدوى طوقان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفدائي (للشاعر ابرهيم طوقان)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الرائد :: الفئة الأولى :: منتدى الشعر والأدب-
انتقل الى: